كما تدين تدان قاعدة لكل زمان
قال الإمام أبو حامد الغزالي، كان بمدينة بخارى، رجل سقَّاء يحمل الماء، إلى دار رجل صائغ ،مدة ثلاثين سنة، وكان لذلك الصائغ زوجة، في نهاية الحسن والجمال والظرف والكمال، معروفة بالديانة موصوفة بالستر والصيانة فجاء السقاء على عادته يوماً وقلب الماء في الباب وكانت المرأة قائلة في وسط الدار فدنى منها السقاء وأخذ بيدها ولواها وفركها وعصرها ثم مضى وتركها.
فلما جاء زوجها من السوق قالت له:أريد أن تعرفني أي شيء صنعت اليوم في السوق لم يكن الله تعالى فيه رضا ؟ فقال الرجل :ما صنعت شيئا. فقالت المرأة : إن لم تَصدق وتعرفني ما أقعد في بيتك ولا تعود تراني ولا أراك .
فقال اعلمي أن في يومنا هذا أتت امرأة إلى دكاني فصنعت لها سوارا من ذهب فأخرجت المرأة يدها ووضعت السوار في ساعدها فتحيرت من بياض يدها وحسن زندها. ثم أخذت يدها فعصرتها ولويتها. فقالت المرأة الله أكبر لم فعلت مثل هذا؟ لا جرم ذلك الرجل الذي كان يدخل إلينا منذ ثلاثين سنة ولم نر فيه خيانة أخذ اليوم يديه وعصرها ولواها فقال الرجل الأمان أيتها المرأة أنا تائب مما بدا مني فاجعلني في حل. فقالت المرأة: الله المسؤول أن يجعل عاقبة أمرنا إلى خير.
فلما كان من الغد جاء السقاء وألقى نفسه بين يدي المرأة وتمرق على التراب وقال يا صاحبة المنزل اجعليني في حل فان الشيطان أضلني وأغواني .فقالت المرأة: في حال سبيلك فإنما ذلك الخطأ لم يكن منك وإنما ذلك من الشيخ الذي كان في الدكان فاقتص الله منه في دار الدنيا.